أن تنسى هاتفك في مكان ما هو أمر عادي ، لكن أن تنسى أنساناً في عرض البحر مع أسماك القرش ولا تتذكره إلا بعد مرور وقت طويل .. فهنا يبدو الأمر غريب إلى حد لا يصدق ..
دعونا نذهب اليوم في رحلة إلى أعماق ما وراء السينما لنستكشف معاً القصة الحقيقية لفيلم المياه المفتوحة.
كل شيء بدأ بشكل عادي ، توم و إيلين زوجين شابين امريكيين ، أتعبتهما أعباء الحياة وساعات العمل الطويلة والشاقة .. فقررا أخذ أجازة للأستمتاع بالسفر ضمن رحلة غوص جماعية بأشراف غواصين محترفين.
لغز عجز الـ FBI عن حله
الرحلة اتجهت إلى بحر المرجان المعروف ببحر (كورال) والذي يقع قبالة الساحل الشمالي لأستراليا ، وذلك في يناير من عام ١٩٩٨م ..
يوم 25 يناير ، استقل الزوجان اليخت برفقة مجموعة كبيرة من هواة الغوص واتجهوا إلى منطقة تبعد ٤٠ ميلاً عن شاطئ البحر ، وهي منطقة مناسبة جداً لممارسة هواية الغوص. وبالفعل عاش الزوجان تجربة رائعة هناك واستمتعا بوقتهما كثيرا ، لدرجة أنهما لم يكتفيا بجولتي الغوص الصباحية وقررا القيام بجولة ثالثة وأخيرة قبل العودة إلى الفندق عصرا.
الزوجان نزلا إلى البحر وابتعدا عن المركب ، وهنا وقع منظمو الرحلة في خطأ فادح ، لأنهما لم ينتبها إلى عدم عودة الزوجان ، ولم يكلفوا انفسهم عناء القيام بحساب عدد أفراد المجموعة المتواجدين على اليخت ، لكنهم ببساطة استداروا وعادوا باليخت إلى الشاطئ من دون ملاحظة غياب الزوجين .. ولم ينتبه أحد إلى فقدانهما إلا بعد يومين ، وذلك عندما لاحظ المنظمون وجود حقيبتان بدون صاحب ، فراجعوا السجلات وادركوا حجم الخطأ القاتل الذي اقترفوه.
سرعان ما تم ابلاغ الشرطة ، فتوجهت دوريات بحرية إلى مكان الحادث ، وقامت مروحيات بتمشيط المنطقة ، كما تم الاستعانة بغطاسين محترفين.
عملية البحث عن الزوجين أستمرت لثلاث أيام دون جديد يذكر ، فتوقف البحث ، لكن بعد فترة تم العثور على ملابس غطس عائدة للزوجين على أحد الشواطئ ، ولم تكن على الملابس أي أثار للدماء أو علامات تشير لتمزقات ناتجة عن عضات القرش.
ماذا حدث إذن؟ .. هل نجا الزوجان ؟ وهل يعقل أنهما استطاعا ان يسبحا مسافة 40 ميلا إلى الشاطئ! ..
ومما جعل القصة أكثر غموضاً هو أن أيلين تركت في دفتر مذكراتها الشخصية أشارة إلى أن زوجها توم كانت لديه رغبة شديدة في الموت ، وعليه فقد افترض البعض ان الزوجين قد انتحرا ببساطة. لكن هذا الاستنتاج لا يوجد ما يؤكده أو يثبته ، خصوصا وأنه لم يتم العثور على جثتي الزوجين ، كما أن عائلتهما واصدقائهما نفوا بشكل قاطع ان يكون لدى الزوجين أي ميول انتحارية.
قصة الزوجين تسبب في حيرة الجميع ، وقد تلقت الشرطة أكثر من ٢٥ بلاغ يفيد بأن الزوجين شوهدا في مناطق مختلفة من أستراليا ، وساد أعتقاد بأنهما أصطنعا حادثة الغرق والأختفاء لكي يحصلا على مبالغ التأمين على الحياة.
من جهته ، زعم محامي نادي الغوص أن توم قام بقتل زوجته ثم أنتحر ، وأن الدليل على ذلك هو ما كتب في مذكرات إيلين. طبعا المحامي قال ذلك في محاولة لابعاد المسؤولية عن النادي خصوصا بعدما رفعت عائلتي الزوجين دعاوي قضائية ضده متهمينه بالتسبب في موت الزوجين.
هناك أيضا من يرى بأن القضية برمتها ليست سوى غلطة غير مقصودة ارتكبها ملاحوا اليخت ، وان الزوجان ببساطة قد قضيا نحبهما غرقا في عرض البحر بعد ان نال منهما الانهاك والتعب.
أيا ما كانت الحقيقة تبقى قضية الزوجين مصنفة ضمن الملفات المغلقة لغموضها الشديد.
أثارت قصة توم وإيلين ضجة أعلامية كبيرة ، كان من المتابعين والمهتمين بالقصة هو المخرج والمؤلف الأمريكي كريس كرون ، خصوصا وأنه وزوجته المنتجة لورى مولعان برياضة الغطس ، فكان ذلك كافياً لدفعهما إلى أنتاج سلسلة رائعة بعنوان (Open Water) والتي حصلا بواسطتها على جائزة أفضل فيلم رعب لعام ٢٠٠٣م.
تدور أحداث الفيلم عن زوجين شابين يسافران لقضاء عطلة على شواطئ الكاريبي وللتمتع بالشمس والبحر والغوص بالقرب من الشعاب المرجانية، وبسبب خطأ في عملية تعداد الركاب ترحل السفينة التي حملتهم للغطس وتتركهم لوحدهم في وسط مياه البحر الشاسعة ليواجهوا ساعات مرعبة من الغرق والشمس الحارقة ولسعات القناديل وهجمات أسماك القرش. ولم يلاحظ أحد غياب الزوجين حتى صباح اليوم التالي، عندما اكتشف أحد أفراد طاقم المركب ، وكذلك مدير الفندق الذي يقيمان فيه ، غيابهما، لتبدأ رحلة بحث بالزوارق والطائرات من أجل العثور على الزوجين الضائعين.
ولكن .. هل سينجح خيال المؤلف في فك خيوط لغز أختفاء الزوجين إيليلن وتوم!! ..