انا من محبي السينما ومن منا لا يحبها خاصة اذا كانت افلام تناقش قضايا انسانية او تعبر عن احداث حقيقية تجعلنا نعيشها وكأنها حقيقة ، وكثيرة هي الافلام التي غيرت فكر البشر لمعالجتها قضايا بطريقة جديدة ، فالافلام ليست فقط للترفيه بل لرقي الانسانية وطبعا انا هنا اتحدث عن الافلام الحقيقية المتعوب في صنعها وليس افلام الشبابيك.
واليوم جئتكم بفيلم ناقش قضية قد يراها البعض غير مهمة او انها لا تعنيه لكن برأيي هي قضية بسيطة لكنها تخفي قضايا أكبر وأكبر. الفيلم بعنوان (الماس الدموي) وهو فيلم اثارة وحرب وسياسة صدر عام 2006 من اخراج ادوارد زويك وبطولة العملاق ليوناردو ديكابريو ،جينيفير كونيلي، ديجيمون هوسو. وقد ترشح الفيلم لخمس جوائز اسكار عام 2007.
فيلم الماس الدموي
قصة الفيلم
تدور احداث الفيلم عام 1999 في سيراليون والتي كانت آنذاك تئن تحت ويلات حرب اهلية طاحنة، كان سولومون فاندي صياد سمك بسيط يعيش مع عائلته الصغيرة في قرية بسيطة وكان حلمه الكبير هو ان يتم ابنه ديا تعليمه لتكون حياته افضل من حياة ابيه ، ولان الحرب لا يسلم منها أحد فقد هوجمت قرية سولومون من قبل الثوار او ما يعرفون بمقاتلي الحرية حيث قتلوا النساء والضعفاء وأسروا الرجال الاقوياء لارسالهم للعمل في مناجم الماس، اما الاطفال دون 12 فيتم تجنيدهم ليصبحوا ثوارا.
عندما هاجم الثوار القرية بقيادة بوسيون وقع الصياد سولومون في الاسر بينما نجت زوجته وطفليها لكن ابنه ديا لم يستطع النجاة وأخذه الثوار ليصبح مقاتلا معهم أما سولومون فأرسل الى أحد مناجم الماس للعمل.
من جهة أخرى يكون داني آرتشر والذي يقوم بدوره ليوناردو ديكابريو جنديا سابقا في زيمبابوي وصائد ثروات لا يهمه شيء سوى المال فاصبح يعمل في تهريب الماس من سيراليون الى ليبيريا لبيعه هناك بشكل قانوني لتجار الماس الانجليز.
في منجم الماس يجد سولومون ماسة وردية ثمينة وفريدة في حجمها ونقاوتها فيخفيها عن الثوار ويقوم بدفنها في الارض في مكان معين.
تأتي القوات الحكومية وتسيطر على المنجم وتأسر كل العمال و من بينهم سولومون ليجمعه السجن مع داني الذي يكون مسجونا هو الآخر ويخبره عن الماسة فيفكر داني بالحصول عليها ويتفق مع سولومون على مساعدته في الهرب وايجاد عائلته وابنه ديا مقابل أن يدله على مكان الماسة فيوافق سولومون على ذلك.
بعد هرب سولومون وداني من السجن يبدآن البحث عن الماسة وعن ديا ابن سولومون وبعد رحلة شاقة وخطرة وسط الادغال والثوار يستطيعان ايجاد الماسة وكذلك ابن سولومون ديا ،
لكن القوات الحكومية تطاردهما ويصاب داني اصابة بالغة ويعرف أنه لن ينجو فيقرر مساعدة سولومون وابنه على الهرب وفي لحظاته الاخيرة يتصل بصحفية كانت قد ساعدته من قبل ويطلب منها مساعدة سولومون في جمعه بعائلته وفي بيع الماسة وكشف المرتزقة وسماسرة الماس الغير شرعي خاصة وأنها مهتمة بقضايا حقوق الانسان، ثم يموت داني وسط الادغال.
يستطيع سولومون أن يلتقي بالصحفية فتساعده على بيع الماسة في جنوب افريقيا وتصور عملية البيع لتكشف قصة الماس الدموية وتنشر قصتها مع الصور ، أما سولومون فيلتقي بعائلته . بعد نشر القصة وانتشارها يستدعى سولومون لبرلمان جنوب افريقيا حيث يحكي قصته فيصدر قانون يجرم تجارة الماس القادم من سيراليون.
اكيد هناك من يقول ويتسائل أي قضية يناقشها الفيلم في الحقيقة الفيلم سلط الضوء على قضية اشعال الحروب من أجل الثروات ، فسيراليون من أغنى الدول من حيث الماس لكنها تعيش في فقر مدقع والسبب هو هذا الماس فالدول الكبرى تشعل الخلافات وتقوم بتسليح الثوار مقابل الماس والحكومة تحاول السيطرة على مناجم الماس.
والثوار كذلك ويستمر الصراع الذي يذهب ضحيته المئات من الابرياء بينما الماس يذهب الى التجار والسماسرة الذي يقدمون الاسلحة مقابله. فعلى سبيل المثال قتل 300 الف في سيراليون ونزح 2،5 مليون انسان.
و20 الف معوق تم بتر أحد اطرافهم بسبب الحرب ، وليس في سيراليون فقط فكل الدول الافريقية التي تمتلك ثروات كبيرة عانت من الحروب ، فقد قتل في الكونغو 6 ملايين شخص، ونصف مليون شخص في انغولا وفقد 100 الف شخص اطرافهم ايضا، وكذلك نفس السيناريو في ساحل العاج، افريقيا الوسطى، ليبيريا
والغريب في الامر أن الدول التي تتحكم في تجارة الماس هي دول بعيدة كل البعد عن مناجم الماس ومناطق الصراع مثل ليبيا، بريطانيا، جنوب افريقيا، الولايات المتحدة، روسيا، اوكرانيا ، الهند، غينيا ..
ورغم صدور قرار بمقاطعة الماس الذي ينتج في مناطق الصراع والحروب واقرار العمل بجوازات السفر لشحنات الماس للدلالة على اصل الماس الا أن السماسرة يشترون الماس من تلك المناطق ويستصدرون جوازات السفر لشحنات الماس من دول ليس فيها حروب وقد تم خروج 55 مليون قيراط من الماس من سيراليون وحدها رغم أنها منطقة حرب وصراع.
دائما ما دفعت افريقيا وكل الدول الغنية بالمعادن الثمينة ثمنا باهضا لهذه الثروات فالحروب تشتعل ويستعبد الناس في المناجم وتسرق الثروات ليتمتع اشخاص آخرون يعيشون في الرخاء بينما يموت الناس بلا ذنب سوى أن وطنهم غني بالثروات.
هل قصة الفيلم حقيقية؟
في الحقيقة قصة الفيلم ليست حقيقية لكنها مستوحات من أحداث حقيقية فحروب الماس خلفت ورائها الكثير من الضحايا والفيلم استطاع بشكل ما ان يغير فكر الناس حول الماس القادم من مناطق الصراع فبعد صدور الفيلم.
وجد منتجوا الماس نفسهم في موقف محرج كما امتنع الكثيرون من شراء الماس وتراجعت ارباح الكثير من الشركات ، اما بالنسبة لافريقيا فمازالت تعاني الى اليوم رغم توقف الكثير من الحروب لكن الواقع لم يتغير مازال السكان يعيشون الفقر والحرمان رغم عيشهم فوق ارض غنية ،
وكلمحة فقط فقد تم ايجاد اكبر ماسة في العالم في سيراليون حيث بلغت 709 قيراط وجدها رجل بسيط في احدى القرى وقدمها لقس القرية ليسلمها للسلطات فحسب القانون الجديد في سيراليون فان من يجد الماس له نصيب من ثمنه وطبعا بيعت الماسة بثمن 6،5 مليون دولار لكن نصيب الرجل لم يظهر ابدا او على الاقل ان يتم استثمار المال في تحسين الحياة في القرية حسب الرجل البسيط لكن لم يحدث شيء ولم يتغير شيء في القرية الفقيرة .
اذن عزيزي القارئ لو شاهدت الفيلم ستعرف ثمن الماس الحقيقي فهو ليس مئات الدولارات بل مئات الابرياء لذا فكر جيدا قبل أن تشتري الماس اذا كان الماس سيزين عنق النساء فافضل ان اتزين بعقد من الحجارة بدل عقد من الماس الدموي .. وانتم مارأيكم؟