المرض والدواء شيئان مترادفان وقد اصبحا موجودين في حياتنا اليومية خاصة مع هذه الاوبئة والامراض التي بدأت تظهر كل فترة لكن هل تساؤلنا يوما عن حقيقة الدواء كيف يصنع؟
او هل هو مضمون ، وما هي آثاره الجانبية؟ مم يصنع وهل هو مجرب ؟ .. كل هذه الاسئلة يمكن البحث عنها وايجادها في نشرة صغيرة داخل علب الدواء لكن هل هذه النشرة صادقة؟
مقالة اليوم عن فيلم لكن وراء الفيلم موضوع مهم جدا بصراحة انا عندما شاهدت الفيلم اعتقدت انه مجرد قصة عادية مستهلكة لكنني غيرت رأيي فيما بعد واليكم قصة الفيلم لتحكموا عليها.
البستاني المخلص
فيلم البستاني المخلص (The Constant Gardener) هو فيلم بريطاني درامي انتاج عام 2005 وهو مقتبس عن رواية للكاتب جون لي كاريه وهو من بطولة الممثل رالف فاينس البريطانية رايتشل وايز والممثل داني هيوستن ومن اخراج فرناندو ميريليس وقد ترشح الفيلم لأربعة جوائز اوسكار وثلاث جوائز غولدن غلوب لكنه فاز بجائزة واحدة هي جائزة الاوسكار لأفضل ممثلة مساعدة والتي قامت بها رايتشل وايز ، اما ميزانية الفيلم فكانت 25 مليون دولار لكن ايراداته وصلت 82 مليون دولار.
قصة الفيلم
يتزوج جاستن من تيسا رغم اخلاف طباعهما وتفكيرهما
جاستن هو ديبلوماسي انجليزي هادئ الطباع ومتفاني في عمله ومولع ايضا بزراعة الزهور والنباتات النادرة ، في احدى الملتقيات الديبلوماسية يلتقي بالناشطة الشابة تيسا وهي ناشطة في حقوق الانسان ومناهضة للحرب على العراق فيحدث نقاش حاد بينهما حول الحرب وحقوق الانسان ورغم هدوء جاستن الا انه سرعان ما يعجب بها و يقعان في الحب رغم اختلاف طباعهما وتفكيرهما.
بعد زواجهما يتم تعيين جاستن ديبلوماسيا في كينيا وينتقل مع تيسا للعيش هناك وتندمج تيسا في المجتمع البسيط هناك وتتعرف على الناس الفقراء وتساعدهم وتتعرف على طبيب اسود ينشط في مجال المساعدات الطبية للفقراء وتتنقل معه الى مختلف الاماكن التي يعيش فيها الفقراء وتقدم لهم المساعدة بدورها، بعد مدة تحمل تيسا بطفل لكن سرعان ما تسوء حالتها وتنقل الى مستشفى حيث تجهض طفلها ووسط حزنها ودموعها تتعرف الى فتاة افريقية في الخامسة عشر من عمرها وضعت طفلا هي الاخرى لكن حالتها سيئة جدا وسرعان ما تموت ، تقابل تيسا اخ الفتاة في المستشفى وهو مجرد طفل صغير فيخبرها بأن اخته كانت تتناول ادوية وفيتامينات تقدمها بعض الجمعيات الخيرية مجانا للناس الفقراء وهنا تثور شكوك تيسا حول الموضوع ومجانية الادوية .
تتعرف تيسا على طبيب افريقي وتنخرط في مساعدة الفقراء
بعد خروج تيسا من المستشفى تبدأ في التحقيق في الامر بنفسها وبمساعدة صديقها الطبيب الاسود وتنتقل من مكان الى آخر دون علم زوجها الذي كان مهتما بعمله وببستانه الصغير ، وذلك خوفا على مركزه وخوفا من ان تسبب له مشاكل، في احد المرات تذهب تيسا في رحلة مع الطبيب للكشف عن سر هذه الادوية لكنها لا تعود الى المنزل وسرعان ما يجدون جثتها مع الطبيب في احد البرك في مكان بعيد ويفيد التحقيق ان القاتل مجهول او مجرد عصابات للصيادين كما يشاع ان تيسا كانت في علاقة مع الطبيب.
صدمة جاستن كانت كبيرة جدا وبعد دفن تيسا يبدأ بالتحقيق هو بنفسه في القضية فهو لم يصدق ان تيسا خانته ويبدأ البحث في الاماكن التي زارتها زوجته وينتقل من مكان الى اخر حتى يعرف الحقيقة .. تنكشف له حقيقة ان زوجته لم تخنه بل ان سبب قتلها هو كشفها لسر كبير وخطير وهو ان شركة ادوية كندية وفرنسية وبريطانية كانت تجرب نوع من الادوية على الناس الفقراء وكأنهم فئران تجارب فتقدمها على اساس انها فيتامينات او تلقيحات لكنها في الحقيقة ادوية جديدة لم تثبت آثارها الجانبية بعد ولم يثبت نجاحها ايضا ، هذه الحقيقة جعلت جاستن يعرف ان تيسا ماتت في سبيل قضية وهي كشف هذه الشركة التي اهتمت بجمع الاموال على حساب صحة الناس وبموافقة السلطات الافريقية ايضا .
ينتهي جاستن الى نفس مصير زوجته
هنا يبدأ جاستن يتعرض لتهديدات من قبل هذه الشركة ومن قبل الحكومات الافريقية فيضطر لكتابة الحقيقة وكشفها لصديق له لينشرها في احد الملتقيات الطبية في اوروبا اما هو فيستمر في البحث عن حقائق اخرى وينتهي به المطاف في نفس المكان الذي قتلت فيه زوجته وهناك يلقى حتفه هو الآخر من قبل نفس الاشخاص الذين قتلو زوجته .
في احد الملتقيات الطبية في اوروبا يكشف صديق جاستن حقيقة شركة الادوية الطبية وجريمتها في حق الافارقة البسطاء فتظهر فضيحة كبيرة لهذه الشركة .
حقيقة تجارب الدواء على الفقراء
كانت الدول الافريقية الفقيرة بمثابة مختبر مجاني لشركات الادويه
الفيلم سلط الضوء على قضية مهمة جدا هي ان بعض شركات الدواء تعمد الى استعمال الدول الفقيرة خاصة في افريقيا والهند كفئران تجارب رغم علمها بخطورة الدواء ورغم منع منظمة الادوية العالمية تجريب الادوية على البشر الا ان هذه الشركات تعمل في الخفاء وبمساعدة بعض المنظمات الخيرية كما ان الفقر في هذه الدول يجعل بعض السكان يوافقون على التطوع لتجريب الادوية .
عند البحث في هاذا الموضوع وجدت امثلة كثيرة على هيمنة شركات الادوية وعدم اهتمامها بصحة البشر بل بجمع الاموال ، فانتاج دواء جديد يستلزم العمل والبحث والانفاق لسنوات واذا فشل الدواء ستكون خسارة كبيرة لهم ، لكنهم يسوقون المنتج حتى ولو لم يكن ناجحا.
في التسعينات اجريت تجارب على علاج الايدز في زمبابوي كان نتيجتها اصابة الاف الاطفال بالمرض
خلال موجة كورونا التي نمر بها شاهدت احد البرامج الفرنسية حيث اقترح احد الاطباء تجريب دواء كورونا على بعض الافارقة ما أثار موجة من السخط لدى بعض الشعوب الافريقية ، اذن بكل بساطة الشعوب الفقيرة ليس لها قيمة في نظر هذه الشركات اذا مات بعض المئات من الناس لا يهم .. المهم هو تسويق الدواء.
كما ان بعض شركات الادوية لم تعد تذكر كل الاثار الجانبية للدواء في النشرة الخاصة به وهذا بعد ان تم تخفيف الاجراءات الصارمة في صناعة الادوية.
عزيزي قارئ مارأيك في الفيلم هل هو يستحق المشاهدة؟ في رأيي انا انه يستحق على الاقل يفتح اعيننا على اشياء كنا نتناولها بلا تفكير احيانا وانا استمتعت به وخاصة بمناظر القارة الافريقية الجميلة واعتقد ان المخرج حاول اظهار ثروات وامكانيات هذه القارة مقابل الفقر والمرض الموجود فيها ، اذن هل ستتناولون الدواء بدون التمعن في النشرة الداخلية جيدا وهل غيرتم فكرتكم حول الادوية وكيف يدفع الناس الفقراء حياتهم مقابل ان تسوق هذه الادوية في الصيدليات؟.