دائما ما يربط العالم فكرة الارهاب بدين او عرق معين مثلا كالشرق الأوسط و شمال أفريقيا ، أو ارتباط الجرائم في أميركا بذو الاصول المكسيكية او الأمريكيون السود من قبل باقي الأمريكيين ،
الا ان تاريخ البشرية يعج بمنظمات ارهابية نشرت الموت والذعر ونسى العالم امرها بمرور السنين ، ولعل الكثير منا يجهل ماهية جماعة كو كلوكس كلان “ku klux klan” او ما تعرف اختصارا بالـ “KKK” و التي هي جماعة ارهابية ذات ميول يمينية متطرفة تكن العداء للسود و اصحاب الاصل المكسيكي و المسلمين و اليهود والمثليين.
تعتمد تلك الجماعة شعار الصليب المحروق كشعار رسمي لها لبث الرعب و الارهاب للاخرين ، وتعادي ايضا الكاثوليكية و تؤمن بتفوق الجنس الابيض البروتستانتي علي سائر البشرية ، و تتبع سياسات الاهلانية أي تقديم الافضلية لاهل و اصحاب الارض مع تعمد تهميش المهاجرين و القادمين من أقاليم و دول اخري ،
و KKK ليست جماعة واحدة بالمعني الحرفي ، بل هي تجمع لجماعات عنصرية بيضاء ذات اهداف موحدة و ميول عنصرية يري أفرادها ان السود و اليهود و المسلمين و الكاثوليك و كل من تعاديه المنظمة له كامل الحقوق و الاريحية بالحياة ماداموا بعيدين عن الاراض الأمريكية.
كو كلوكس كلان: منظمة الكراهية التي هزت أمريكا
ما هي منطمة ku klux klan
اسم كو كلوكز كلان مشتق من كلمة (كلوكس) الاغريقية وتعني الطوق او الدائرة ، وتنطق الكلمة بطريقة مميزة حماسية من قبل اعضاء التنظيم.
سجل رسميا اول ظهور لتلك المنظمة ما بين عامي 1865 – 1866 في ولاية تينيسي تحديدا مدينة بولاسكي جنوب شرق للولايات المتحدة الأمريكية ، من قبل 6 ضباط متقاعدين من الجيش الكونفدرالي للجنوب الامريكي والذي خسر الحرب الاهلية الامريكية ، وقاموا بتنصيب الجنرال ناثان بيدفورست كزعيم للجماعة نظرا لمجازره و انتصاراته بالحرب الاهلية ، و كان الهدف من الجماعة مقاومة و منع حملات تحرير العبيد انذاك ، و مقاومة القوات الفيدرالية و حلفائها بالجنوب الشرقي.
سرعان ما تطور نشاط المنظمة الي نشاطات اجرامية عنيفة ، حيث اعتمدوا علي القتل السريع والمفاجيء لنشر اكبر قدر من الرعب ، كانوا يقتلون ضحاياهم بعد محاكمات ارتجالية صورية ثم تنصب المشانق بشكل مفاجئ وينطق سريعا بالحكم المعد مسبقا باعدام الضحية وبدون سبب واضح ، وكانوا يفضلون صلب ضحاياهم و أحيانا حرقهم على الصليب لمحاكاة شكل شعارهم المفضل “الصليب المحروق”.
احد اهداف المنظمة الاساسية والتي قامت عليها هي منع اي حقوق ومكاسب سياسية واجتماعية يحصل عليها السود وعدم القبول مطلقا بفوز السود ببعض المقاعد الانتخابية في الولايات الجنوبية ، ولتحقيق هذا الهدف لم تكن المنظمة تستهدف السود فقط ، بل المتعاطفين معهم من البيض ايضا.
في عام 1870 افتتحت المنظمة فروعا في كامل الولايات الأمريكية مما زادها قوة و نفوذا لكن مع ذلك اقتصر عمل المنظمة بالخفاء ، كانت هجماتهم تتم ليلا تحت جنح الظلام مع ارتدائهم زي ابيض مميز مع غطاء أبيض مدبب يخفي الرأس بالكامل.
ومع الوقت انضم للجماعة اطباء و ضباط و مهندسون و وزراء و عمال.
قام الكلوكز بعمليات قتل و اختطاف بكامل الولايات الجنوبية ضد الاقلية السوداء وذوي البشرة الداكنة دون مراعاة للعمر او الجنس. و زادت انشطة الجماعة في ستينات القرن المنصرم مع تنامي الاصوات المنادية بالحقوق المدنية للسود.
وكما يقال فأن لكل فعل رد فعل ، فعنصرية وجرائم الجماعة كانت احد الاسباب المؤدية لتأسيس عصابات للسود مثل منظمة النمر الاسود ، و وحدات حماية السود بالمناطق الشعبية (التي عمل معها والدا الرابر توباك شاكور) و عصابات كريبس و بلودز.
نهاية الجيل الأول
صورة شنق جماعي للسود .. العنصرية كانت متفشية وراسخة في جنوب الولايات المتحدة
بمرور الوقت وباتساع حجم الجرائم بدأت حكومات الولايات الجنوبية تتذمر من الوضع خصوصا مع ظهور جماعات مناوئة للكوكلز وازدياد الخشية من نشوب حرب اهلية جديدة.
و لتهدئة الوضع تم إصدار قرار يسمى (كلان 1871) لبدء حملات اعتقال واسعة لأعضاء المنظمة و انهائها بشكل تام ، و تم اصدار امر بالقبض علي كل من ينتمي لها دون توجيه تهم محددة ، و تم تحييد الجماعة بشكل نهائي باوامر من الرئيس الامريكي وقتها “لينسيس غرانيت”.
الجيل الثاني
مع بدايات القرن العشرين ، تحديدا عام 1915 تم اعلان ولادة الجيل الثاني من الجماعة، حيث قام الجيل الجديد بتبني و نسخ الافكار و الاهداف نفسها للجيل السابق ، من ناحية الكراهية و العنصرية و التصليب.
و كل شيء حرفيا ، الا انها تميزت بتنظيم و قوام متماسك اكثر من سابقتها و اعتمدت علي هيكلة منظمة للاعضاء و كان ذلك عاملا مهما لانتشارها لاحقا بدرجة مخيفة ، حيث بلغت ذروتها في عشرينيات القرن الماضي وبلغ تعداد اعضائها حوالي اربعة ملايين شخص ما نسبته 1.5 في المئة من تعداد الشعب الامريكي وقتها ،
و تصاعدت معها الانشطة الاجرامية و الانتهاكات و تخلوا عن مبدأ التلثم و الخروج ليلا ليصبحوا اكثر جرأة وصاروا يخرجون في مسيرات و مظاهرات و قاموا بتصنيع متفجرات و هجمات منظمة علي من يعادونهم.
لكن لكل ذروة انتكاسة ، و kkk ليست مستثناة من هذه القاعدة ، حيث انه مع بداية الكساد الكبير تراجعت عضويات الجماعة و شعبيتها ،
و مع مرور الوقت قل نفوذها شيئا فشيئا خصوصا ابان الحرب العالمية الثانية حيث تم اتهام بعض قادتها البارزين بالتعاون و التواصل مع قادة المان نازيون ما اعتبر وصمة عار عليها و سببا لبغضها من قبل فئة كبيرة من الشعب ، الا انها لم تنتهي رغم ضعفها و تسببت في عدة مجازر و تفجيرات وانتهاكات سنروي البعض منها ..
تفجير كنيسة برمنغهام
الهجوم اسفر عن تدمير الكنيسة ومقتل اربع تلميذات
اكتسبت مدينة برمنغهام في ولاية الاباما سمعة غاية في السوء من ناحية العنصرية و العنف ، قال عنها مارتن لوثر كينغ انها احد اكثر مدن العالم عنصرية ، و كانت المدينة لا تحتوي علي طبيب او مسعف او شرطي اسود.
واحد بسبب القوانين المحلية المجحفة ، وكانوا يطبقون نظام الفصل العنصري بحذافيره ، و كانت كنيسة الشارع 16 برمنغهام هي مكان تجمع للاقليات السوداء و تنظيم تظاهرات حاشدة سلمية للتنديد بالفصل العنصري ، وقد تم اعتقال اعداد كبيرة منهم ، حيث القوا القبض على قرابة 600 شخص.
في الحقيقة اراد منظموا التظاهرات الضغط على الحكومة المحلية من خلال ملئ السجون بالمحتجين السود و الاحتجاج من داخلها ، و نجحت خطتهم بعد مفاوضات حيث قررت السلطات تنفيذ برنامج على مراحل لدمج السود و البيض معا في المدارس والمؤسسات و إعطائهم نفس الامتيازات العملية و الدراسية والوظيفية.
بالطبع جماعة kkk لم يعجبهم هذا القرار و اعتبروه خرق صريح لما يجب ان يكون الوضع عليه ، و قاموا بسلسلة تفجيرات ضد السود ابرزها استهدافهم للكنيسة بسبب مكانتها و مركزها السياسي ومركزا لتجمع القادة السود.
في صباح يوم احد 15 سبتمبر عام 1963 تسلل اربعة اعضاء من kkk الي داخل الكنيسة و قاموا بزرع 19 قنبلة ديناميت في اسفل أدراج الجزء الشرقي للكنيسة و قبل التفجير مباشرة على تمام الساعة 10:22 صباحا اتصل شخص مجهول بسكرتيرة الكنيسة وتفوه ببعض العبارات العنصرية المحملة بالتهديد والوعيد ، بعدها بثلاث دقائق حدث انفجار كبير هز المبني باكمله ونسف جزئا منه ،
و نتج عنه حفرة كبيرة و تدمرت السيارات القريبة و تضررت كل ممتلكات الكنيسة وتحطم زجاجها الملون ، واما عن الضحايا فقد كانوا اربعة فتيات لفظن انفاسهن جراء التفجير وتراوحت أعمارهن بين 11 و 14 عاما وكان موتهن بطريقة مؤلمة ، احداهن دخلت شظية طويلة في راسها و اخري لم يتم التعرف علي ملامحها لولا ملابسها و خاتمها المميز ..
حصلت ايضا عشرات الاصابات و توافد مئات الاشخاص الي مكان الحادث للمساعدة و انقاذ ما يمكن انقاذه.
الانفجار ادى الى حدوث اعمال شغب دموية حيث خرج قرابة 3000 اسود غاضب الي الشوارع لتخريب كل ما هو ابيض ردا على التفجير ، و قامت برمي الزجاجات الحارقة “مولوتوف” و رشق الحجارة علي المارة البيض و ذهبوا للاشتباك مع تجمعات العنصريين البيض ، وبحلول المساء تم القبض علي مثيري الشغب من الطرفين.
ولاحقا تم القبض علي القتلة الاربعة من ثم اطلاق سراحهم بدون سبب و تم اغلاق القضية من قبل الـ FPI الا انهم اعادوا فتحها بعد فترة ومن ثم بدئت سلسلة محاكمات اولها عام 1977 و انتهت اخرها عام 2002 ، و قد عوقبوا عقوبات مشددة و كلها افضت الى السجن ولم يعدم احد.
اعدام مايكل دونالد
انتشار وصيت الجماعة بدأ يخبو مع بداية عقد السبعينات ، وفي 21 مارس عام 1981 تم الابلاغ رسميا عن اخر حالة اعدام نفذتها الجماعة خارج القانون في الولايات المتحدة الأمريكية و كانت من نصيب المواطن مايكل دونالد صاحب البشرة الداكنة حيث قام عدد من افراد المنظمة بخطفه واقتياده الي مزرعة بعيدة و قاموا بتعذيبه و تشويهه من ثم قاموا بلف حبل علي شجرة و شنقه.
ورأى اعضاء المنظمة ان تلك عقوبة عادلة له ، لماذا؟ السبب هو انه في تلك الفترة كانت اعداد المحلفين و المحامين و القضاة السود تتزايد، و قبل عملية اعدام مايكل وردت بلاغات الي الشرطة بقيام شخص اسود بقتل شرطي ابيض البشرة ، و بعد محاكمات طويلة و مناكفات ،
و كانت لجنة المحلفين و القضاة مختلطة اللون ، و بالنهاية تم تبرئة المتهم من القضية ، و بالطبع ذلك لم يرضي اعضاء الجماعة ، ورأو ان القانونيين السود انحازوا للمتهم و لم يريدوا سجنه او معاقبته ، فانطلق ثلاث أشخاص مسلحين من المنظمة و ذهبوا الي المناطق ذات الغالبية السوداء بهدف اقتياد اول شخص يقابلهم و من ثم اعدامه بدلا عن المتهم المبرء ،
و كان الضحية مايكل دونالد حيث استوقفوه و من ثم عذبوه و شنقوه و بالطبع حرق الصليب بعدها كعادتهم.
اثارت الحادثة جدلا واسعا حيث تم القبض علي الجناة ، و حكم علي احدهم بالسجن و الثاني بالاعدام علي الكرسي الكهربائي و الثالث مات قبل محاكمته.