هل سمعت يومًا عن "الوينديجو"، الوحش الأسطوري الذي يجوب غابات كندا ومنيسوتا، متربصًا بضحاياه؟ هذه الأسطورة التي نسجتها القبائل الأصلية في أمريكا
في هذا المقال، نستعرض القصة الكاملة للوينديجو، من وصفه المرعب ككائن عملاق آكل للحوم البشر إلى ارتباطه بالمجاعات القاسية في الماضي. سنتحدث عن الثقافات التي آمنت به، وعن الشخصيات التي اشتهرت بمحاولة القضاء عليه، مثل جاك فيدلر، وعن الحالات النفسية التي أطلق عليها الطب الحديث "ذهان الوينديجو".
إذا كنت من عشاق الأساطير المظلمة والقصص المثيرة التي تمزج بين الخيال والواقع، فهذا المقال سيروي فضولك عن واحدة من أكثر الأساطير غموضًا ورعبًا في تاريخ البشرية.
الوينديجو: وحش غابات منيسوتا
عندما تصحب خطيبتك في نزهة إلى غابة من غابات كندا، ويهرع ذاك العجوز بإخبارك عن الوحش ذو العيون المحمرة والأنياب المصفرة والمخالب الحادة ، ذو اللسان الطويل المصفر تارةً والذي يغطيه الشعر المتكتل تارةً أُخرى.
الصياد البارع صاحب القدرة على التخفي وتقليد الأصوات، الوحش الشره الجائع للأبد، والذي يملك القدرة على التحكم في الطقس بواسطة السحر الأسود. يخبرك مرتجفًا عن حالات الاختفاء و المشاهدات العديدة للوحش الذي يتجول بالغابات. ويحذرك من التجول بالمكان ليلاً ، لكنك تتأبط يد الخطيبة وأنت تولي ظهرك ساخراً للعجوز الخرف،
بعدها تتيبس قبضة الفتاة، ثم يصدر صوت زمجرة مُوحِش … مهلًا ، هل يُعقل ؟
تلك كانت شهادة موثقة لأسطورة ” الوينديجو”
الوحش الذي يسكن غابات المنطقة الشمالية في منيسوتا حيث يُقال ان الوينديجو استوطن منطقة البحيرة العظمى والمناطق الوسطى في كندا ، و قِيل أنه قد يظهر على هيئة وحش ، أو روحٍ تستحوذ على الشخص جاعلتًاً منه وحشاً يقتات على لحوم البشر الذين كانوا أحبائه يوماً ما ، و قد يُعرف بأسماء متعددة لكن جميعها تترجم إلى ” الروح الشريرة أكلة البشر “
الوحش في ثقافات متعددة :
ربما تختلف أوصاف الوحش من منطقة إلى أُخرى ، فالأسطورة تمتد من قبائل الجنكويان و جيبوي إلى شرق كري وسولتو ووستيماين و سوامبي كري وناسكابي و إينو*3 ، إلا أنهم قد اتفقوا جميعًا على أن الوينديجو كائنٌ عملاق خارق للطبيعة و آكل للحوم البشر يرتبط بالشمال والشتاء القارس ، وأيضاً بالبرد والمجاعات ..
تصف قبيلة الجونكويان ” الوينديجو ” بأنه ” كائن عملاق ذو قلبٍ جليدي ، بجسد عظمي مشوه و بلا اصابع أقدامٍ أو شفاه ” بينما تصفه قبيلة الأوجيبوا بأنه ” طويل القامة كشجرة ، يملك أسنان حادة وفم بلا شفاه ، تصدر أنفاسه هسهسة غريبة ، و آثاره مليئة بالدماء ، وهو آكلً لكل من يغامر بدخول أراضيه ، و إن كانوا محظوظين كفاية فربما فضل أن يستحوذ عليهم عوضًا عن أكلهم “
ووفقًا للأساطير ، يُخلق الوينديجو عندما يُضطر الإنسان لأكل لحوم البشر من أجل البقاء ، ويقال بأن هذا الفعل كان يحدوث هذا كثيرًا في الماضي عندما يجد الهنود (الهنود الحمر) أنفسهم محاصرين بثلوج الغابات الشمالية بلا أي مصدر للطعام يقتاتون عليه وقد تقطعت بهم السُبُل لعدة أيام فيلجؤون لأكل لحوم البشر ليتحولوا من بعدها إلي الوينديجو.
بينما يقال في صياغ آخر؛ استحواذت روح الوينديجو لإنسان جشع مفرط في الشره، لتصبح الاسطورة من بعدها وسيلة لتشجيع التعاون والإعتدال ، بينما تصفه الأساطير الامريكية على أنه روحً لإنسانٍ حولته ممارسته للسحر إلى وحشٍ آكلٍ للحوم البشر.
جاك فيدلر : قاهر الوينديجو
ادعى جاك عازف الكمان ، وطبيب الونديجو -كما شيع عنه بتلك الفترة- قدرته على الفتك ب14 وينديجو وحده وبيديه العاريتين و طوال حياته ، بعضهم كانوا مرسلين من قِبل” الشامان*1 ” الأعداء بينما كان بعضهم الآخر زملاء بفرقته. وقد كانت الناس تهرع إليه لقتل أحد أفراد أُسرتهم أو شخصًا مقربًا منهم في حال شكهم بتحوله إلى وينديجو ،
لكن الشرطة وضعت حدً للأمر عندما قامت بعتقال الرجل في العام 1907 بعد أن قتل شقيقه شخصًا يدعى ” بيتر فليت ” الذي حكي عن تحوله لكائن فضائي بعد أن نفذت منه المؤن في رحلته التجارية.
وعندما وُجهت لهم تهم القتل أنتحر جاك ، بينما حُكم على شقيقه السجن مدى الحياة وحصل على عفوٍ في النهاية لكنه لم يلبث أن توفي بعد إمضاءه ثلاثة أيام في السجن و قبل أن يعلم بحصوله عليه ، لتكون هذه نهاية الإخوة قاهرين الوينديجو
سويفت رانر : وينديجو خلف القضبان
تعد مأساة رانر أحد الشهادات الموثقة لظاهرة الوينديجو ، حيث أقدم رانر على قتل وتناول عائلته المكونة من زوجته و ابناءه الست متذرعًا بالجوع الشديد الذي ألم بهم وقتها ، والذي راح ضحيته ابنه الأكبر. لكن قضاة فورت ساسكاتشوان قد وجدوه مذنبًا في النهاية بخاصة و أنه كان يبعد مسافة 25 ميلًا فقط عن مقر شركة خليج هدسون حيث تتوفر الإمدادات الغذائية.
ذهان الوينديجو :
ساعدت الأسطورة في منح الطب النفسي الحديث مصطلح ” ذهان الوينديجو ” لوصف متلازمة تخلق لدى صاحبها رغبة وخوف شديد تجاه أكل لحوم البشر. ومن المفارقة أن هذا الذهان يحدث للأشخاص الذين يعيشون قرب منطقة البحيرات الكبرى في كندا والولايات المتحدة.
وتحديدًا لدى الأشخاص المعزولين و العالقين لفترات طويلة بسبب الثلوج الكثيفة شتاءً ، وتشمل أعراضه الأولية ضعف الشهية والغثيان المصحوب بالقيء ، ليتطور الأمر من بعدها إلى وهم شعور التحول إلى وحش ، و رؤية الآخرين كوجبة محتملة تمشي على قدمين يصاحبها خوف مرضي من أن يصبح المريض آكل للحوم البشر !.هل الوينديجو حقيقة ؟
في الحقيقة لٱ أحد يملك إجابة دقيقة للسؤال ، لكن الاعتقاد بوجود الذهان والتعامل معه كتفسير مقنع لحالات أكل لحوم البشر قد يعد إجابة محتملة للسؤال، خاصة وأن الأسطورة تملك سجلات ووثائق تثبت حدوثها ،
كسجلات شركة هدسون المُوثقة لحالات عدة لأشخاص يُقال في تحولهم إلى وينديجو و حالات لأكل لحوم البشر خلال تاريخ الشركة وسجلات المبشرين و وقائع شهد عليها شعب الكري* بنفسه.
ختامًا :
كان الكثيرون يؤمنون بتجواله في غابات منيسوتا بنتظار ضحاياه ، بل حتى أن الكثيرٌ قد أعطوا كندا لقب عاصمة الونديجو بسبب بلاغات المشاهدات التي لم تنقطع الأ ببلوغ الألفية الجديدة ، حيث انخفضت أخيرًا حالات ” ذهان ” الوينديجو بشكلٍ كبير نتيجة اندماج السكان المحليين مع الأفكار الغربية.